البدانة الوراثية: ما أسبابها وما علاجها؟

إذا ورثت بعض الجينات التي تتعلق بالسمنة من أبويك فلنعتبر أنك خسرت 50% من الحرب، ولكن الجانب المضيء يقول إنك لازلت تملك ال 50% الباقية، وأنت الآن المسؤول عن ما تقوم به، وما تورثه لأبنائك من عادات غذائية صحية، تساعدهم على التغلب على جينات السمنة وقلبها لصالحهم وصالح لما بعدهم من الأجيال، وهذا ما يسمى بتحدي الوراثة.


التقت "الجميلة" مستشارة التغذية "ولاء العمري" لتحدثنا أكثر عن هذا الموضوع.

 


•    الجينات والسمنة:
 تتنوع أسباب السمنة بين أسباب جينية وأسباب غير جينية، وتتمثل الأخيرة بالإضطرابات المرضية والعلاجات الدوائية المختلفة، والعوامل النفسية وعدم الحصول على نوم كافٍ.


•    دراسات في علم الجينات:
- أما بالنسبة للأسباب الجينية أشارت العديد من الدراسات إلى أن الجينات تسهم في تحديد كميات الدهون التي يخزنها الجسم والمنطقة التي يخزنها فيها، كالبطن أو الفخذين، ومن ناحية أخرى فإن اعتماد الأبوين على نظام غذائي غير صحي وغني بالدهون، يعرض الأبناء لخطر الإصابة بالسمنة والعكس صحيح؛ إذ أن تناول الأطعمة الصحية واعتياد ممارسة الرياضة يحفز الأبناء على إتباع نمط حياة صحي، يقلل من فرصة إصابتهم بالسمنة وما يتبعها من اضطرابات مرضية.
- واستنادا للمعلومات العلمية المتوفرة، فإن العامل "الجيني" له دور لا بأس به في الإصابة بالسمنة، حيث تلتقي العوامل الجينية مع العادات اليومية، والتي تتسبب بدورها بضرب اتزان المعادلة للطاقة المستهلكة والطاقة المفقودة في الجسم. حيث أن هناك العديد من الجينات المسؤولة عن الإصابة بالسمنة، وأهمها جين (Fat mass and associated gene)، حيث أنه يتواجد في 43% من الناس حول العالم.

 

•    بعض العلامات لوجود مثل هذه الجينات، منها:
- المعاناة من السمنة أو السمنة المفرطة في معظم مراحل الحياة.
- معاناة أحد الوالدين أو كليهما من السمنة أو السمنة المفرطة.
- طول فترة الشعور بالجوع.
- صعوبة الشعور بالشبع.
- التركيز على الأطعمة العالية بالسعرات الحرارية كالسكريات والدهون. 
- عدم السيطرة على الكمية المتناولة من الطعام.
- خلو الحياة من أي نوع من أنواع الرياضات أو النشاطات الفيزيائية.
- صعوبة نزول الوزن حتى مع إتباع الأنظمة الغذائية وممارسة الرياضية.

 

قد يعجبك أيضاً  

مرض السمنة: إضاءة على الواقع

 

 

•    ما أثبتته الدراسات بعلاقة الجينات بمرض السمنة:
إن الجينات لا تحدد الصحة المستقبلية للإنسان، وإنّما تجعله أكثر عرضة من غيره للإصابة ببعض الإضطرابات كالسمنة، على أن تتزامن مع إتباع عادات غذائية غير صحية، ويأتي دورها في إعطاء الجسم الأوامر حتى يستطيع التأقلم مع المحيط وتكوين ردات فعل لما حوله، وأثبتت الدراسات أن هناك الكثير من الجينات المسؤولة عن الإصابة بالسمنة بنسبة تصل الى 40-70%. وإن وجود اختلاف في الأوزان بين الأخوة وخاصة التوائم عزز فكرة دور الجينات المرتبطة بالسمنة، مما جعل العلماء يبحثون في سبب هذا الإختلاف، خاصة عندما تكون هناك فروقات واضحة بالسلوكيات الروتينية التي يعيشونها، مثل الإدمان على تناول الأكل عند أحدهم، أو ميل جسمه لتخزين الدهون، وعدم وجود تحفيز لعمليات الأيض لديه، وهذا مايدل على الفرق الجيني والذي أدى لمثل هذه الأختلافات في الاوزان والروتين اليومي المبني عليه.

•    هناك بعض الجينات المسؤولة عن السمنة يكون الخلل فيها مختلف عن باقي الجينات، بالرغم من أنه نادراً مايحدث ولكن تعتبر المعالجة منه صعبة دون استخدام بعض الأدوية، ومن أهم هذه الجينات:
- نقص في هرمون اللبتين، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالشبع عند امتلاء المعدة، ولكن هناك أشخاص لديهم نقص جيني فيه حيث يعانون من عدم الشعور بالشبع.
- نقص في الجين المسؤول عن إرسال إشارات الشعور بالجوع والشبع للدماغ، حيث ثبت أن من لديهم هذا النقص الجيني يعانون من عدم تفسير الدماغ للإشارات بشكل صحيح، مما ينتج عنه الشعور الدائم بالجوع.

 


•    التاريخ المرضي للعائلة:
لحسم موضوع ما إذا كانت السمنة وراثية أم لا، عادة مايتم الطلب من المرضى المصابين بالسمنة تقديم معلومات كافية ووافية عن التاريخ المرضي لعائلاتهم، فيما إذا كان أحد منهم مصاباً بالأمراض الناجمة عن السمنة مثل السكري النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب والشرايين، لأن الأبناء عادة يرثون أغلب جيناتهم من الآباء، لذلك يمكن أن يكون سبب السمنة وراثي لدى المريض ويمكن الكشف عن ذلك بالاستناد للتاريخ المرضي لعائلة ذوي المريض وبناءاً عليه يتم إلزام المريض بإتابع نظام غذائي صحي مناسب له مع ممارسة التمارين الرياضية المناسبة بشكل ثابت لمواجهة هذه التوليفه الجينية لديه، ومن الجدير بالذكر أن هذه الطريقة ليس من شأنها تعديل الخلل الناجم عن الجينات ولكنها ستساعد المريض على التعديل من الممارسات الخاطئة ونظام الحياة التي يعيشها، حيث أن الاستمرار سيحافظ على صحة العائلة كاملة وحتى على الموروثات الجينية الجيدة التي ستنتقل للأجيال القادمة وراثياً.

•    تحدي الوراثة:
وهنا لا يمكن القول أن السمنة الوراثية ليس لها علاج أو حل، وإنّما يتطلب التعامل معها جهداً ووقتاً أكبر من تلك التي تأتي من أسباب بعيدة عن الجينات والوراثة، وهناك الكثير من الطرق مثل:
- العمليات الجراحية مثل عمليات قص المعدة وتحويل المسار.
- التقنيات الغير جراحية، والتي من شأنها تصغير حجم المعدة كحقن البوتوكس وتركيب حلقة المعدة وغيرها.
- الأدوية التي تعمل على زيادة إفراز بعض الببتيدات في الأمعاء المسؤولة عن تقليل الشهية وإعطاء شعور الشبع.
- النظام الغذائي الصحي المناسب، والذي من الضروري أن يكون تحت إشراف ومتابعة أخصائيي التغذية.


 

أضف تعليقا
المزيد من مقابلات