المصممة السعودية هنيدة الصيرفي: "شغفي بالفن والتاريخ أوصلا تصاميمي إلى العالمية"

لمعت في الخليج العربي بعض الأسماء التي استطاعت بفضل حبّها للموضة أن تكون في الطليعة، من بينها المصمّمة السعوديّة هنيدة الصيرفي، التي يلوح اسمها في سماء العالميّة، والتي اختارت النساء بطلات لمجموعاتها المتمرّدة، ولم تكتفِ يوماً من إشباعها بخلفيّات محلّيّة ووطنيّة تحمل في طيّاتها قصصاً تعبّر عن الهويّة العربيّة قبل أن تعبّر عن المرأة.
"الجميلة" التقتها، حيث كان لنا معها هذا الحوار.

 

حدّثينا عن مسيرتكِ في عالم تصميم الأزياء.
منذ صغري وأنا لا أرضى الانصياع للتقليدي، فهذا أمرٌ ممنوع ومفروغ منه. وفي سنوات مراهقتي، أصبحتُ أهتمّ بكلّ ما يخصّ المرأة وأفكّر في حدود المسموح والممنوع، وأتساءل عن حقوقي وواجباتي، وأُناقِش وأُجادِل حتّى أصل إلى نقاط منطقيّة يقبلها عقلي. وحينما اخترت أن أعمل في مجال الجمال والموضة، لم أستطع منع نفسي عن تطبيق هذا التمرّد حتّى على تصميماتي، فأنا منشغلة طوال الوقت بفكرة دعمٍ نوعيّ وخلق أفكار تجمع بين الجمال والقدرة.
ولا أقول أنّ أفكاري في الموضة تتوقّف عند هذا الحدّ، إذ أثّر عليها شغفي بالفنّ والتاريخ والثقافة، وعلى أساسها أطلقت خطّ الأزياء الذي يحمل اسمي اليوم.

 

 

كيف قابلت أسرتك شغفك بالعمل في مجال الأزياء؟
دعمتني جدّاً، فعائلتي تهتمّ بالتراث والفنون الثقافية الراقية في المقام الأوّل، ووالدتي قضت عمرها في المجال الثقافي، فضلاً عن أنّها أمضت سنوات طويلة في التأريخ والتوثيق.

 

حدّثينا عن مجموعتكِ الجديدة.
عنوان مجموعتي Love & War، أو الحبّ والحرب، ومصدر إلهامي فيها الشخصيّة التاريخية الشهيرة "عبلة"، حبيبة "عنترة بن الشدّاد"، التي قابلت رفض أسرتها لحبيبها بمزيد من الإصرار والتمسّك، بخاصّة أنّها كانت ضدّ العنصريّة والقبليّة والتمييز على أساس اللون. هذه القصّة تخبرنا بمنتهى البساطة أنّ للحبّ معنىً ثميناً، وأنّ المرأة عليها أن تدافع عن حقّها حتّى تصل إلى مرادها بمنتهى الرضا والسلام. من هذا المنطلق، استخدمت الكثير من الطبعات والأكسسوارات والقصّات التي تعكس هذه الفكرة، وتؤيّد حقّ كلّ "عبلة" في هذه الحياة بالحفاظ على ما يسعدها.

 

احكي لنا أكثر عن القطع التي انعكست عليها قصّة "عبلة".
هناك قطع استخدمت فيها طبعات مستوحاة من السيف وغمده بتصميمه ولونه الحقيقي، والسيف في الحقيقة كان أحد أهمّ العناصر في قصّة "عبلة وعنترة"، بخاصّة أنّ عنترة كتب أشعاراً يتغزّل فيها في إشراقة ابتسامة "عبلة"، التي شبّهها بلون ولمعان السيف الفضّيّ. هذه التفاصيل تستطيعين أن تظهريها على القماش في بعض قطع المجموعة.

 

 

كم قطعة تحوي المجموعة؟ وما الألوان التي اخترتها؟
ضمّت المجموعة 40 قطعة، وقد اخترت أن تطغى على أغلبها درجات اللون الفضّي المستوحى من سيف "عنترة"، كما اهتممت بأن يكون التطريز ثلاثيّ الأبعاد بنفس اللون.
والبعض الآخر من القطع اخترت له اللون الوردي، الذي يعكس دوماً المفاهيم الأنثويّة، ودرجات من الأزرق المائل إلى الأخضر. وطبعاً الأبيض والأسود، لأنّهما سيّدا الألوان. فالتأثير الذي يتلقّاه المرء من قطع ملابسه لا يتوقّف عند اللون فقط، بل يتعدّاه إلى الخامة والقصّة والتفصيل، وحتّى الأكسسوارات والقطع المكمّلة لها.
وإذا ما تحدّثنا عن مدلولات كلّ لون، فالأزرق يساعد على الهدوء ويخفّض ضغط الدم ومعدّل نبض القلب، ولأنّ تدرّجات اللون الأزرق عديدة، حيث يختلف تأثيرها بين الفاتح والغامق، يفضَّل اختيار الفاتح، لأنّه يعزّز الشعور بالاسترخاء. أمّا درجات الوردي، فتساعد العضلات على الاسترخاء، وهو لون مهدّئ للعدوانيّين والذين يميلون إلى العنف. أمّا الأبيض، فيجلب الراحة والسلام للنفس، والأسود من الألوان القويّة والأنيقة والجريئة، ويشترك بذلك مع العديد من الألوان.

 

إقرئي ايضاً: اشتركي الآن في صفحة "الجميلة" على الفيسبوك

 

أين تمّ عرض المجموعة الجديدة؟
عرضتها في أسبوع الموضة في باريس، وأيضاً في السعوديّة، خلال حفلتين مختلفتين في مدينتَيّ جدّة والرياض، كما عرضتها في مصر وبعض دول الخليج الأخرى.

 

ما هو الأساس الذي تعتمد عليه التصاميم الفخمة والراقية؟
يتوقّف عامل الفخامة في المقام الأوّل على نوعيّة القماش وخامته، ثمّ يأتي في المرتبة الثانية الأكسسوار والقصّة. وبإمكان أيّ قطعة أن تعكس الفخامة إذا تمّ ارتداؤها في مناسبات تليق بها وتمّ تنسيقها والاعتناء بها.

 

كيف تقيّمين مظهر المرأة العربيّة عموماً والسعوديّة خصوصاً؟
لا بدّ أن نفهم أنّ صناعة الملابس أصبحت من أهمّ الصناعات الحيويّة في العالم كلّه، وليس لدى الشعوب العربيّة فقط. فاليوم ينفق الكثيرون أموالهم على مظهرهم، من أجل الجمال والثقة بالنفس.
وإذا أردنا التحدّث عن علاقة الشعوب العربيّة بالموضة، هناك حقيقة خرجت بها إحدى الدراسات التي نشرت منذ فترة، تفيد أنّ الخليج وحده ينفق نحو 3 مليارات دولار سنويّاً على الجمال والموضة عموماً، والسعوديّة تأتي في المقدّمة، إذ ينفق السعوديّون، رجالاً ونساءً، ملياراً ونصف المليار دولار سنويّاً على الجمال، ما يعني أنّ هذا الأمر بات في طليعة اهتماماتهم.
كما بيّنت أنّ المواطن السعودي يخصّص 10 % من دخله الشهري للملابس، وهي نسبة تُضاعف ما ينفقه الفرنسيّون مثلاً على الموضة، رغم أنّ العالم كلّه يظنّ أنّهم أكثر شعب يهتمّ بالموضة والأزياء. فكيف لنا مع هذه الأرقام أن ننكر اهتمام المرأة السعوديّة بالأزياء وبمظهرها؟

 

 

ولكنْ ألا ترين أنّ تلك الأرقام تدلّ على بعض المبالغة في الإنفاق على المظهر؟
إذا اقتصرنا الحديث على المظهر، نكون قد اختصرنا الصناعة كلّها ونظرنا إليها نظرة ضيّقة. فصناعة الملابس اليوم هي من أهمّ الصناعات الحيويّة التي تدرّ المكاسب الاقتصادية على أيّ دولة، كما أنّها من أخطر الصناعات التي قد تتسبّب في خسارتها. فاليوم تفوق واردات السعوديّة من الملابس صادراتها، وهو أمر يجعلنا مهتمّين أكثر بتنمية الصناعة المحلّية وخلق منصّات أزياء متعدّدة ومتنوّعة تجذب المواطن السعودي ولا تدفعه إلى شراء إصدارات العلامات العالميّة من جانب الأولويّة.

 

ما هي طموحاتك المستقبليّة؟
أطمح إلى أن تنال المرأة السعودية مزيداً من الحقوق المشروعة، وأن تصبح لها أذرعاً قويّة وحقيقيّة في قيادة المجتمع كلّه. كما أتمنّى أن تصبح السعوديّة إحدى مراكز انطلاق الموضة في الشرق الأوسط، بخاصّة أنّ للمرأة السعوديّة ذوقاً مميّزاً جدّاً، كما أنّها تقدّر الجمال وتبحث عنه طوال الوقت. وفي نفس الوقت، نحن نملك اقتصاداً قوياً يجعل دول العالم تتطلّع إلى التعامل معه والاستثمار فيه، ومن واجبنا أن ندعم كلّ الصناعات التي من شأنها دعم هذا الاقتصاد أكثر.

Instagram: @honaydaofficial

 

إقرئي ايضاً:

صانعة الذهب السعودية دانة العلمي: تستطيع المرأة إنتاج 600 قطعة خلال ساعة واحدة

هناء دخقان: مصممة حقائب أصبحت رمزاً في عالم الموضة

حلى الفضة السعودية بين التراث والحداثة والأكسسوار

أضف تعليقا
المزيد من مقابلات