صانعة الذهب السعودية دانة العلمي: تستطيع المرأة إنتاج 600 قطعة خلال ساعة واحدة

لم نعهد في السعوديّة رؤية صانعة ذهب، فالسيّدات في عالم صناعة المجوهرات هنّ في العادة مصمّمات. ولكنْ لكلّ قاعدة استثناءاتها؛ وهذا ما نراه جليّاً مع المصنّعة والمصمّمة دانة العلمي، التي قادها حبّها للبريق والنور إلى صناعة الذهب دوناً عن التصميم.
فما الذي دفعها إلى هذا المجال؟ وما أسباب نجاحها فيه؟ وكيف كانت البداية؟ كلّ هذه الأسئلة وغيرها نطرحها عليها في الحوار التالي.

 

من هي دانة العلمي؟
أنا امرأة سعوديّة، بدأت في عالم صناعة الذهب منذ عام 2006، وكنت قد درست قبلها علوم الكمبيوتر في جامعة الملك سعود، ومن ثمّ عملت في مجال تخصّصي لمدّة أربع سنوات، في وزارة العمل.

 

لماذا اخترت صناعة الذهب؟
دخلت صناعة الذهب ليس بتخطيط منّي، بل قادني بحثي عن هديّة مجوهرات مناسبة ليوم زفاف أخي إلى أن أقرّر صناعة "طقم الألماس" بنفسي لعدم توفّر الذوق والميزانيّة المناسبين لحاجتي آنذاك. وقد لاقى التصميم الذي صنعته استحساناً كبيراً، فبدأت تأتيني طلبات لتصميم أطقم ألماس، وما كان منّي إلّا أن استعنت بورش ومصانع الذهب المحلّية، وقد وجدت أنّ الأمر صعب جدّاً من حيث المتابعة وتنفيذ الطلبات والإشراف على العمل، لأنّها كانت حكراً على الرجال في ذلك الوقت. لذلك قرّرت أن أفتح ورشة ذهب صغيرة، ومن هنا كانت البداية الفعليّة. وبعدها بدأ الموضوع بالتطوّر، فأصبحت أنفّذ قطعاً خاصّة وأعيد صياغة القطع القديمة، وهذا ما أدّى بي إلى دخول مجال "الذهب بالجمْلة" عيار 21 قيراطاً، وقد أصبحنا اليوم مصنعاً يضمّ 66 عاملاً.

 

هل تصنّعين بيدك؟
في البداية كنت أتعلّم التصنيع بيدي، فلم تكن لديّ خبرة أو شهادات حينها، وما أكسبني الخبرة التي أصبحت عليها اليوم هو متابعة سير العمل والعمّال في الورشة.

 

مِن دراستك لعلوم الكمبيوتر/البرمجيّات إلى دخولك عالم الذهب، هل من نقطة مشتركة بين هذين العالمين؟
كلا العالمَين يحتاجان إلى دقّة وتركيز، لكنّني منذ صغري وأنا أقدّر وأعشق الفنّ. ولا أستطيع القول إنّ للمجالين علاقة تربطهما؛ لكنّ الكثير منّا يختار تخصّصاً ويعمل به، ومن ثم يكتشف عشقه لعمل آخر، وهذا ما حدث معي.

 

هل صناعة الذهب متاحة للمرأة في مجتمعنا؟
لا توجد في السعوديّة مصانع وورش ذهب تملكها سيّدات، وربّما أيضاً في العالم؛ حيث إنّ عمل المرأة محصور عادةً في تصميم المجوهرات، ولا دخل لها في التنفيذ. ومن الممكن أن نرى سيّدة في هذا المجال بحالة واحدة فقط، وهي إنْ كان والدها أو زوجها يعملان فيه.

 

هل يمتلك الرجل القدرة على صناعة وتنفيذ التصاميم أكثر من المرأة؟
هذا الكلام غير صحيح، لكنّ صناعة الذهب تمرّ بمراحل عدّة، أوّلها التصنيع والتشكيل كصبّ الذهب ومعادلة عياره، أمورٌ تحتاج إلى عضلات وقوّة؛ لذلك ليس من الممكن أن تعمل بها المرأة. لكنّ المرحلة الثانية، التي تقوم على صناعة الشمع وتركيب الأحجار وصناعة التصاميم، سهلة على المرأة، وقد رأيت ذلك في مصانع موجودة في تركيا وجنيف وإيطاليا وهونغ كونغ.

 

ما مدى أهمّيّة التاريخ التراكمي في صناعة الذهب والمجوهرات؟
التاريخ التراكمي في هذه الصناعة مهمّ جدّاً، فتراكم الخبرات والمعارف يجعلك تشاركين في مزادات ومعارض عالميّة. وسبق أن عشت هذه التجربة حين أسّست شركة مزادات على مستوى الشرق الأوسط، وهي أوّل شركة ألماس خليجيّة وسعوديّة منافسة للشركات العالميّة. كان ذلك في عام 2015، وعرضنا يومها 140 قطعة نادرة من جميع أنحاء العالم، وكلّها مرصّعة بالماس النادر، وبقيمة إجماليّة قدرها أربعون مليون دولار.

 

إقرئي ايضاً: اشتركي الآن في صفحة "الجميلة" على الفيسبوك

 

ما هي أهمّ المواصفات التي يجب توفّرها في العاملين في مجال المجوهرات؟
مَن يريد أن يصبح صانع مجوهرات، عليه أن يكون مطّلعاً على السوق وعلى المنافسين جيّداً، بغية تقديم قيمة جديدة غير متواجدة أساساً، فيضمن بها التفرّد، بالإضافة إلى ضرورة خضوعه لدورة تدريبيّة مدّتها سنة.
أمّا بالنسبة إلى مصمّمات المجوهرات، فعليهنّ أن يمتلكن الشغف الذي يصبّرهنّ على الصعوبات التي تواجه أيّ نجاح. وحتّى إنْ لم يمتلكن الشغف، المثابرة والطموح يكفيان للإبداع.

 

إلى أين تتّجه صناعة الذهب والمجوهرات في المملكة؟
إلى البساطة وعدم البالغة في الأسعار، بسبب تدهور الاقتصاد العالمي، وليس السعودي فحسب. فهناك انخفاض عالمي في الطلب على جميع السلع الخاصّة بالرفاهيّة.

 

هل لهذا السبب نرى توافراً في القطع المطليّة بالذهب؟
بالطبع لا، لأنّ الذهب المطلي لم يظهر بالأساس إلا عندما كان سعر الذهب مرتفعاً جدّاً، وذلك في عام 2010؛ أمّا حاليّاً، فيُعَدّ الأمر مقبولاً.

 

ما هي التصاميم التي تُقبِل عليها المرأة السعوديّة؟
تتميّز أسواقنا بتلبيتها لجميع الأذواق، بسبب حبّ المرأة السعوديّة للمجوهرات وخياراتها التي تتفاوت بين البساطة والفخامة، كي تتناسب مع جميع الأوقات أثناء النهار وفي السهرات.

 

حدّثينا عن قصّة تصميم مفتاح زين.
لقد اتّجهت إلى التصاميم الإسلاميّة لحبّي للخطّ العربي، واستوحيت أوّل مجموعة أطلقتها من الحرم المكّي، من الزخارف القديمة والمسعى. كما استوحيت مجموعة أخرى من الحرم المدني. وقطع مفتاح زين هي أولى تصاميمي، وهي عبارة عن هديّة صنعتها للشاعر زين، بسبب حبّي لبيته الشعري الجميل الذي يقول فيه: "سيفتحُ الله باباً كنت تحسَبهُ.. من شدّّّة اليأسِ لم يُخلَق بمفتاح". وقد رأت صديقتي الخاتم قبل أن أهديه للشاعر، فأحبّّته كثيراً وأخذته، وبعدها صنعت منه 30 قطعة قبل أن أهديه إلى صاحبه.

أنت عضو في لجنة تجّار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة في الغرفة التجاريّة التابعة لمدينة جدّة... ما هي خططكم لمستقبل هذه الصناعة؟
خططنا المستقبليّة، وتماشياً مع رؤية 2030، هي توفير فرص عمل للسيّدات الصناعيّات داخل مصانع الذهب. فعلى سبيل المقارنة البسيطة بين المرأة والرجل، تستطيع الأولى أن تنتج خلال الساعة الواحدة 600 قطعة ذهب، لأنّها تمتلك القدرة الكبيرة على الإتقان والعمل بحرفيّة عالية.

 

إقرئي ايضاً:

المصممة إيمان العجيمي: أشجّع استخدام الكتابة والنقش على الأحجار في المجوهرات

مصممة المجوهرات نوف ناصر المير تطلق تشكيلتها الجديدة

مصممة المجوهرات ‏ "إينا أهلواليا".. بريق مشاهير بوليوود

أضف تعليقا
المزيد من مقابلات