آشلي غراهام: العارضة التي أثبتت أنّ الجمال أبعد حدوداً من المقاس

"أعتقد أنّني بلغت أعلى مستويات الانهيار عندما كنت مراهقة – فقد كنت أكره نفسي – وحينها قلت لوالدتي إنّني عائدة إلى المنزل."
آشلي غراهام

"ببساطة لا أحبّ العيش في دوّامة النماذج النمطيّة؛ هذه أنا، تقبّلني أو اتركني وشأني."
آشلي غراهام

"كوني امرأة على طريقتك ومثالاً خاصّاً يحتذى به، وتذكّري أنّه بمقدورك رفع النساء من حولك وإحداث تغيير في حياتهنّ."
آشلي غراهام


غالباً ما تتبادر إلى أذهاننا عندما نذكر اسم عارضة أزياء صورة فتاة هيفاء ممشوقة القوام، ميّاسة القدّ، إلا أنّ العارضة الأولى للمقاسات الكبيرة  Plus Sizeآشلي غراهام Ashley Graham، كسرت هذه الصورة النمطيّة في عالم الأزياء، فاستطاعت تغيير المفاهيم المسبقة في ما يتعلّق بشكل القوام ورضى المرأة بمظهرها، وأصبحت نموذجاً ملهِماً للعديد من العارضات الطموحات؛ بل أصبح لقبها "أيقونة النظرة الإيجابيّة إلى الجسد". وبعد أن انهارت يوماً بسبب وزنها الزائد، وبفضل إصرارها على النجاح وحصولها على العديد من الألقاب المتميّزة، أثبتت غراهام بالفعل أنّ الجمال أبعد حدوداً من المقاس.

 

الثقة بالنفس والرضى بالمظهر
تُعَدّ الأميركية آشلي غراهام (29 عاماً) اليوم واحدة من أبرز عارضات الوزن الزائد في العالم، وأرادت آشلي أن تنشر ثقتها بجسدها لجميع النساء. فمنذ أن غادرت منزلها في ولاية نبراسكا، لتبدأ حياتها المهنيّة في نيويورك، تغيّرت نظرتها إلى الحياة عموماً وإلى قوامها خصوصاً، واستعادت احترامها لذاتها وثقتها بنفسها.
وقرّرت آشلي المثيرة للإلهام أن تقبل وتحبّ قوامها بكلّ عيوبه، عوضاً عن تغطيته والخجل من إظهاره فقط لأنّه لا يتناسب مع "نموذج" عارضات الأزياء، وعبّرت عن ذلك بالقول: "ببساطة لا أحبّ العيش في دوّامة النماذج النمطيّة؛ هذه أنا، تقبّلني أو اتركني وشأني"، لتسلّط الضوء على صورة العارضة التي لم تراعِها كبرى دور الأزياء، والتي تمثّل شريحة كبيرة من النساء حول العالم.

 

والدتها أقنعتها
كانت آشلي تتحدّث مع مراسلة ET جينيفر بيروس في بارنز آند نوبل، عندما كانت تروّج لكتاب مذكّراتها بعنوان "عارضة أزياء جديدة: كيف تبدو الثقة والجمال والنفوذ في الواقع" A New Model: How Confidence, Beauty & Power Really Look Like، حيث تقول بصراحة كيف أنّها أوشكت على التخلّي عن أحلامها قبل فترة طويلة من تحقيقها النجاح الحقيقي.

فتقول غراهام، وهي تتذكّر عدد المقابلات التي أجرتها من أجل وظيفة عارضة أزياء، والعلاقات الرومانسيّة التي انهارت بسبب شكلها: "كان كلّ شيء بالنسبة إليّ يتعلّق بالشكل الخارجي والوزن".
وتضيف: "كان عليّ حقيقةً أن أخطو خطوةً إلى الوراء وأقول لنفسي بصوت عالٍ: "حسناً، أنا أبحث عن الحبّ بواسطة الجسد، وأبحث عن الحبّ من خلال الطعام؟ فهل أبحث عن الحبّ أيضاً من خلال الحصول على موافقة العاملين في صناعة الأزياء الذين لا يفهمون طبيعة قوامي؟ لقد توجّب عليّ فعلاً أن أصل إلى اللحظة التي أدرك وأفهم فيها حقيقة نفسي".
بالنسبة إلى غراهام، جاءت هذه اللحظة عندما كانت تبلغ من العمر 19 عاماً، وتحدّثت عن ذلك لمجلّة V Magazine، وعن كيفيّة اتّصالها بوالدتها لتبلغها أنّها قرّرت عدم الاستمرار في متابعة شغفها.
وتتذكّر تلك اللحظة قائلةً: "قلت لها: "سوف أعود إلى المنزل، ليس هذا ما أريده فعلاً"؛ فأجابتني: "كلا لن تعودي، سوف يعمل جسمك على تغيير حياة شخص ما، ونيويورك تحتاج إليك، عالم الأزياء يحتاج إليك". وهكذا بقيت".

بالإضافة إلى إقناعها بالاستمرار في رحلتها لتصبح عارضة أزياء على المستوى العالمي، تعزو غراهام الفضل إلى والدتها؛ لأنّها زرعت في شخصيّتها أخلاقيّات العمل الدؤوب والإصرار العنيد على العمل والنجاح.

 

إقرئي ايضاً: اشتركي الآن في صفحة "الجميلة" على الفيسبوك

 

أيقونة "النظرة الإيجابيّة إلى الجسد"
رغم الأوقات الصعبة التي مرّت بها عائلتها، تقول غراهام إنّها تتعلّم اليوم تقدير ما اكتشفته من تلك الخبرات، مشيرةً إلى الجهد الذي بذلته لتشكيل شخصيّتها كما هي الآن والتعلّم من أخطاء عائلتها والحفاظ على الخصال الجيّدة التي أورثتها.
وبصفتها عارضة أزياء ناجحة وأيقونة "النظرة الإيجابية للجسد"، شاركت آشلي ما كتبته لينا دونهام، مطلقة سلسلة غيرلز Girls، حينما انتقدت بشدّة على إنستغرام مقالاً نُشر في الصحف روّج لفكرة أنّ فقدانها بضعة كيلوغرامات من وزنها في الآونة الأخيرة، يُعَدّ "إنجازاً".
وتقول غراهام: "أنا سعيدة جدّاً بأنّ لينا كتبت كلّ الأسباب التي جعلتها تبدو كما هي عليه اليوم، نافيةً اتّباعها نظاماً غذائياً للنحافة، بل موضحةً أنّها لم تكن في أفضل حالاتها النفسيّة".

 

"امرأة العام" الأكثر تأثيراً
وقّعت آشلي عقداً مع وكالة دوليّة لعرض الأزياء عندما كانت تبلغ من العمر 13 عاماَ، وعملت في عدّة مجالات في صناعة الأزياء، بما في ذلك كتابة الكلمات الافتتاحية للكتالوجات، وعرض الأزياء المباشر، والعمل في المجال التجاري وفي التلفزيون والسينما.
في شهر فبرايرعام 2015، اختيرت نجمة لحملة Curves in Bikinis؛ ما جعلها أوّل عارضة أزياء بمقاس 14، تظهر في الإعلانات وفي نسخة مجلّة  Sports Illustrated لملابس السباحة.
في شباط 2016، اختيرت نجمة غلاف المجلّة نفسها، ما جعلها أوّل فتاة غلاف للمجلّة بمقاسها. وحيث إنّ آشلي غراهام على رأس حركة "النظرة الإيجابيّة إلى الجسد"، فقد ظهرت على غلاف مجلّات فوغ، وفوغ البريطانية، وكوزموبوليتان، وسيلف، وماكسيم، وغيرها العديد.
في شهر يناير 2016، اختارتها مجلّة فوربز ضمن قائمة قصص النجاح لمن هم دون سنّ الثلاثين عاماً 30 30 Under، كما ظهرت على غلاف المجلّة في عدد يناير إلى جانب صور المشاهير ورجال الأعمال.
في نوفمبر 2016، أعطتها مجلّة غلامور لقب "امرأة العام"، وفي الوقت ذاته ابتكرت من أجلها مجلّة ماتيل لقباً خاصّاً، هو "باربي الفريدة من نوعها".
في ديسمبر 2016، سُمّيت آشلي من قبل مجلّة بيبول ضمن قائمة أكثر 25 شخصيّة إثارة للاهتمام في العالم.
حديثاً، ورد اسمها ضمن قائمة مجلّة تايم لأكثر الأشخاص تأثيراً في العالم لعام 2017. وهكذا أصبحت آشلي غراهام واحدة من أكثر عارضات الأزياء التي تتمتّع بشخصيّة جذابّة وكاريزماتيّة، فقط لثقتها بنفسها.

 

نموذج يحتذى به
آشلي امرأة أعمال ذكيّة، تعرف حقل الأعمال جيّداً، وتتعاون مع العلامات Addition Elle، Dressbarn و Swimsuits For All، وتصمّم لهذه العلامة مجموعات الملابس الداخلية والفساتين وملابس السباحة.
وإضافةً إلى ذلك، تُعتبر آشلي من الشخصيّات التي تتسابق شاشات التلفزيون على إجراء لقاءات معها، هي التي بدورها استضافت برامج عالميّة وفعاليّات، مثل:Miss Universe  لعام 2017 وMiss USA، وكانت أخيراً ضمن لجنة الحكم في برنامج VH1 لأفضل عارضة أزياء مقبلة في أميركا؛ حيث قدّمت نصيحتها كخبيرة حول كيفيّة أن تكون المرأة مديرة وصاحبة علامة وسيّدة أعمال.
وحيث إنّها نموذجٌ يحتذى به وناشطة فيما يتعلّق بالقوام والمقاس، تتمّ دعوة آشلي كثيراً للتحدّث في المؤتمرات الوطنيّة وفي المدارس الثانويّة حول صورة الجسد وقبول الذات وتمكين المرأة. كما ظهرت لأوّل مرّة في البرنامج الحواري TEDx، الذي تمحور حول موضوع الوزن Plus Size? More Like My Size?، وذلك في أبريل 2015.

 

عارضة الأزياء السوبر العصريّة
لم تشعر غراهام دوماً بتلك الثقة؛ فعندما انتقلت إلى مدينة نيويورك بعد الثانويّة العامّة لتصبح عارضة أزياء بدوام كامل، أوشكت على الاستسلام بعد أن تمّ رفضها طيلة فصل الصيف فابتكرت آشلي خطّة جديدة ورؤية واسعة لكلّ ما كانت تصبو إلى تحقيقه، وكان ظهورها على غلاف إحدى المجلّات أحد بنود خطّتها، وأداتها الرئيسيّة وسائل التواصل الاجتماعي.
فقد رأت في هذه المنصّات الرقميّة طريقة للتواصل مباشرةً مع النساء، من دون تصريح من مديري التصوير، أو وكالات عرض الأزياء. فبدأت بوضع صور سيلفي لها على هذه المنصّات ولقطات مرحة في الكواليس أثناء التصوير، والكثير من الهاشتاغ على طريقة #الجمال_أبعد_حدوداً_من_المقاس.
واستجابت لها النساء، "من اللواتي أتعبهنّ النظر إلى شكل واحد من الجمال فقط ولفترة طويلة"، حسبما تقول. وزادت قاعدة معجبيها، فبات لديها اليوم أكثر من 2.6 مليون متابعٍ على إنستغرام وسناب شات وتويتر، وبدأت تظهر في الإعلانات والحملات، مثل تلك التي تنظّمها كلٌّ من ليفايس وكالفن كلاين. وفجأةً أصبحت لديها منصّة خاصّة بها، وقرّرت استخدامها لتجعل كلّ النساء من جميع المقاسات يعرفن أنّهن جميلات.
في الواقع، من الصعب مقاومة آشلي غراهام، كما تقول إيفا تشين، رئيسة شراكة الأزياء في إنستغرام، التي تضيف: "فيما مضى كان يتمّ تحديد عارضات الأزياء السوبر من خلال الدراما، وآشلي غراهام هي جوهر عارضة الأزياء السوبر عصريّة؛ فهي مذهلة بالتأكيد، وتعي ذاتها جيّداً، وتعرف العالم من حولها، وتنخرط في خطط خاصّة بها لكي تدفع إلى التغيير نيابةً عن كلّ النساء اللواتي لديهنّ إيمان في مسألة تنوّع المقاسات، وتتوقّع صناعة الأزياء أن تنضمّ لهذه الفكرة؛ فهي تنظّم حملات التأييد من أجل النساء الممتلئات Curvy Girls – حسب المصطلح الذي تستخدمه - لكي يكون ضمن عروض الأزياء الرئيسية. وأثمرت تلك الجهود عن ظهور عارضات أزياء بمقاس 16 في عروض أسبوع الموضة في نيويورك هذا العام، وهذا أمر قياسيّ".

 

خطط ورؤىً واسعة
الخطوة التالية لآشلي غراهام هي بدايتها كحكم ضمن اللجنة المكلّفة اختيار أفضل عارضة أزياء في أميركا، كما أنّها وزوجها، المصوّر السينمائي جاستن إيرفن، لديهما خطط ورؤىً واسعة يعملان على تحقيقها، منها على سبيل المثال: حملة للجمال، كتاب، وربما برنامج حواري، ولكن أكبر أمنياتها تتعلّق بالفتيات، حيث تقول: "أتمنّى أن تنظر الفتاة إلى المرآة وتقول لنفسها: "أنا جميلة"؛ وعندما تفعل ذلك، أن تتغيّر اللعبة تماماً، فتبدأ الإدراك أنّ لكلماتها قوّة فعليّة".
وعبارتها التي تعيش وفقها هي: "كوني امرأة على طريقتك الخاصّة ومثالاً خاصّاً يحتذى به، وتذكّري أنّه بمقدورك رفع النساء من حولك وإحداث تغيير في حياتهنّ".
إنّ أيقونة "النظرة الإيجابيّة إلى الجسد" لا تتبع نظاماً غذائياً لإنقاص الوزن؛ فهي تأكل طعاماً صحّياً بالتأكيد، وتمارس الرياضة، لكنّها أيضاً لا تخشى أن تأكل البيتزا المغموسة بكريما الشوكولاتة. فهي تتبع النظام الغذائي من النوع المتوازن، الذي يمكنك التغاضي عنه مرّة واحدة بين الحين والآخر. كما أنّ مدرّبها الرياضي يجعلها تمارس التمارين ثلاث مرّات في الأسبوع على الأقلّ؛ ما يتيح أمامها فرصة المناورة عندما تأكل. والوجبة الفخمة بالنسبة إليها؟ البطاطا المهروسة، مع معكرونة بالجبنة.

 

إقرئي ايضاً:

لمصممة سجى اليوسف: المصمم المبدع يستلهم من كل شيء

نوال الزغبي تدخلنا عالمها وتكشف عن الكثير من الأسرار

عارضة الأزياء السعودية سارة المغربي: الجمال زائل...

أضف تعليقا
المزيد من مقابلات