موجة الريترو الحديث... تصاميم تاريخية خلابة

مقارنةً بعقود القرن الـ20، لم تسجّل الألفيّة الثالثة خطوطاً جديدة في صناعة الأزياء بالمعنى الثوري للكلمة. إشارةً إلى أنّ عشّاق الموضة في تأهّبٍ دائم لمواكبة كلّ صيحة حتّى يتبنَّوها في سباقٍ مع الوقت، وفي لا وعيهم الجماعيّ فكرة أنّها تفصلهم عن عامّة المجتمع، فيما العكس أصحّ. ولاستمالة المستهلك الباحث أبداً  عمّا يميّزه، ها هي الدور العالميّة الكبرى تنهل من خطوط العقود السابقة، لا بل أيضاً تقصد منابع رموزها الأيقونيّة بغية إعادة إحيائها في "تحفٍ" تحمل بصمةً عصريّة، رافعين إيّاها إلى خانة الريترو Retro، ومراهنين على قيم ثابتة في زمن أزمة الأناقة، أُسُسها الإرث والمهارة الحرفيّة والجودة العالية، التي يبحث عنها المستهلك المعنيّ، والتي غالباً ما يجدها في قطعة Vintage قديمة ونادرة، سمتان تجعلان منها قطعةً تتخطّى عجلة الوقت.


وللإيحاء بمزيدٍ من المصداقيّة، تلجأ هذه الدور إلى المعارض، التي تستحيل متاحفَ لقطعٍ يفوح منها عبق التاريخ والأصالة، مثالٌ حديث عليه معرض Christian Dior, Couturier du Rêve في متحف Musée des Arts Décoratifs القابع في باريس الأثريّة، والذي تستمرّ فعاليّاته حتّى 7 يناير 2018، ويغطّي الفنّ الزخرفيّ للدار على مدى عقود. من المعارض إلى المشاغل المفتوحة للعلن في خطوةٍ لتسليط الضوء على المهارة الحرفيّة التي تتمتّع بها علامة فاخرة كـ Hermès في صناعة الحقائب منذ القرن الـ19، والتي أبهرت محبّيها بحدثٍ Made in France عام 2012. ما يقودنا إلى الأكسسوارات التي تحمل أسماء نجمات هوليوود فُصِّل أغلبها لشخصهنّ بالذات، مثل Kelly Bag نسبةً إلى الأيقونة غريس كيلي Grace Kelly، والتي يشكّل اقتناؤها ظاهرةً شبيهة بظاهرة الفينتاج؛ هذا إذا ما طرحنا جانباً المزادات العلنيّة المخصّصة لخزانة المشاهير.
بالعودة إلى أزمة الموضة المعاصرة، نستشفّ من تداخل خطَّيّ الخياطة الراقية والأزياء الجاهزة حجّةً لتنصيب قطعة الفينتاج أو أسلوب الريترو على عرش مملكة الموضة، في زمنٍ تتسابق هاتان الصناعتان وعجلة السوق التي تقمع إبداع مبدعيهما. قطعةٌ وأسلوبٌ أضحى اعتمادهما، في أحيان كثيرة، أقلّ كلفةً من اقتناء زيٍّ أو أكسسوار حديثَيّ الإصدار من توقيع علامة فاخرة.



حصريّ بالشغوفات
For Collectors Only!

أتقني لغة ورموز أناقة الفينتاج قبل شراء إحدى قطعها أو تبنّي أسلوبها، وقبل أن تفاجئك مثلاً ساره جيسيكا باركر، كما فعلت مؤخّراً في متاجر Kleinfeld، بمجموعة من أحذية شخصيّتها الفاشينيستا Carrie Bradshaw، لتنتقي منها إحدى الفتيات المقبلات على الزواج ما يليق بفستان أحلامها.
بدايةً يجب التفريق بين مصطلحات Vintage، Antique وRetro ضمن قاموس الأزياء وأكسسوارتها: فيما يشتمل الأوّل Retro على منتجات فاخرة لا يتخطّى قِدمها حقبة العشرينيّات وحداثتُها ما يقارب الـ20 عاماً على حاضر اقتنائها، يشير الثاني Antique إلى قطع من حقبة La Belle Époque رجوعاً إلى العصور التي سبقتها – مع الحرص على عدم الوقوع في التباس استخداماته الأخرى، في ما يتعلّق بالمجوهرات مثلاً، التي يمثّل كلّ قديمٍ منها قطعة Antique؛ أمّا المصطلح الثالث Vintage، فكما ذكرنا آنفاً، يدلّ على أسلوب الفينتاج بذاته، عبر إطلالة توحي تفاصيلها بموضةٍ قديمة ولا تتضمّن إحدى قطعها الأصليّة.


وقبل النقر على رمز البيع على موقع إلكترونيّ شهير مثل Etsy، اعلمي أنّ الأزياء حتّى سبعينيّات القرن الماضي كانت أقلّ بمقاسين بالمقارنة مع المعايير السائدة في حاضرنا، حيث إنّ مقاس Medium (M) في الماضي يوازي اليوم Extra Small (XS). من جهتها، كانت ياقات الدانتيل والبروكار تُحبَك منفردةً في العشرينيّات للسماح باستخدامها على أكثر من قميص أو ثوب؛ فيما كان ملمس الأقمشة أشدّ خشونةً، كالنسيج الصناعيّ في الستّينيّات والسبعينيّات، وأكثر رهافةً، كحرير العشرينيّات والثلاثينيّات، وطبعات الزهور بدائيّة ومحدودة الألوان إذا ما قارنّا بين قطعة من الخمسينيّات وأخرى تعود إلى الثمانينيّات؛ بينما المسافة بين الدرزات أوسع حتّى أواخر الستّينيّات، وأغلب القطع حتّى حقبة الأربعينيّات يدويّة الخياطة وبالتالي خالية من أيّ بطاقات تعريف، التي اتّسمت لاحقاً بأحرفٍ مائلة وزخرفات قديمة الطراز ومعلوماتٍ منثورة هنا وهناك... للمزيد من الإرشادات، تصفّحي موقع vintagefashionguild.org.
ختاماً، احفظي زيّك الفيناج من غدر الزمن على شمّاعة مبطّنة واحمي صبغته المرهفة من مصادر الضوء الطبيعيّ، بينما تصونين ندرة قبّعاتك الفاخرة داخل صناديقها الدائريّة الآسرة أو أخرى تعود إلى متجرٍ عريق كـ Galeries Lafayettes.

 

إقرئي أيضاً:

ما الفرق بين الخياطة الراقية والأزياء الجاهزة ؟

قاموس الخياطة الراقية

الفن للفن... عنوان عروض الخياطة الراقية

أضف تعليقا
المزيد من إتجاهات الموضة