فندق جراند تريميزو.. بوابة على ضفاف بحيرة كومو

منذ أن فتح فندق جراند تريميزو أبوابه عام 1910، غدا نقطة جذب للفنانين والكتّاب المشهورين، فلطالما استمدّ الكثيرون إلهامهم من تاريخه العريق وطبيعته الساحرة. وسرعان ما أضحى هذا الفندق وجهةً أساسية للنخبة الدولية المسافرة على طول الطريق الساحر أثناء جولات السباقات الكبرى الأوروبية في أوائل القرن العشرين.

 

وبوجود أكثر من 73 متحفاً، و11 قلعة يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، فضلا عن العديد من الفلل الأسطورية المنتشرة حول بحيرة كومو، فأنّ زيارةً واحدةً لن تكفي لاستكشاف كافة الجواهر المحيطة بفندق جراند تريميزو. بوسع الضيوف أن يعودوا بالزمن مئات السنوات عبر تسلّق طريق حجري بين الغابات يقودهم إلى أحد أقدم الحصون على ضفاف بحيرة كومو، وهو "كاستيلو دي فيزيو" المشيَّد منذ أواخر القرن الحادي عشر، والذي يبعد عن الفندق 15 دقيقةً فقط بالسيارة. حيث يستطيع الضيوف التمتع بتجربة تذوق الطعم الحقيقي لزيت الزيتون البكر الممتاز إلى جانب أطباق صغيرة من المقبلات المتنوعة، فيما يزورون معصرة زيت قديمة وبستان زيتون تقليدي على سفح التل خلال نزهة من العمر على ضفاف بحيرة فارينا المهيبة. كما يستطيعون التمتّع برؤية شاملة من البرج الذي يرجع إلى القرون الوسطى بشرفاته المتدرجة، وهي إحدى الميزات التي ينفرد بها حصن "كاستيلو دي ريزونيك" والتي تكمن في هندسته على شكل شبه منحرف وفي أبراجه الثلاثة.

 

أما الشغف الكبير بصناعة الحرير فله جذورٌ قديمة في كومو، وهو يتجلى بوضوح في متحف الحرير التثقيفي الذي يحوي مجموعاتٍ وعروضاً لآلات، وأغراض، ومستندات، وعيّنات وأدوات تشهد على أمجاد الماضي في صناعة الأقمشة بحيث أنّ كومو تُلقّب اليوم بـ "مدينة الحرير". تَعَرَّف إلى صناعة هذا القماش الثمين من خلال رحلة عبر كافة المراحل الدقيقة لإنتاج الحرير، بدءاً من الغزل مروراً بالصبغ وصولاً إلى الطباعة. وفي بيلاجيو، مقابل فندق جراند تريميزو، يتواجد متحف الأدوات الملاحية الذي يحتضن قطعاً وتحفاً تاريخية، على غرار تلسكوبات مصنوعة في معامل بالبندقية وهي تعود إلى القرن الثامن عشر، وبوصلات وساعات شمسية من حقبات زمنية مختلفة، ناهيك عن سلسلة من الكرونومترات البحرية، ومجسمات الكرة الأرضية من النحاس بالإضافة إلى قبة فلكية ساحرة. فقد جُمِعَت هذه القطع النادرة طوال أكثر من 50 عاماً، حتى أنّ عمر بعضها يصل على مئات السنوات. وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّد الذي جَمَعَ التشكيلة هو من يُشرِف شخصياً على الجولات التعريفية داخل المتحف.

 

أما مسرح كومو (تياترو سوسيالي دي كومو)، تمّ تشييده على أرض كان يشغلها أصلاً حصن "كاستيلو ديلا توري روتوندا". صحيح أنّ جيوسيبي كوزي هو المصمّم الأصلي لمسرح الأوبرا في كومو عام 1811، إلا أنّ كوكبةً من المهندسين المعماريين الإيطاليين اللامعين شاركوا في التعديلات وعمليات إعادة الترميم عبر الزمن. يُعَدُّ مسرح "تياترو سوسيالي" موقعاً بارزاً في عالم الأوبرا، حيث أنّه استضافَ كبار الموسيقيين والعازفين على غرار نيكولو باجانيني، وجيوديتا باستا وفرانز ليست. فلدى مسرح "تياترو سوسيالي" جدول حافل جداً بالفعاليات التي تغطي نطاقاً واسعاً من الموسيقى، والدراما والرقص. وسوف يستمتع زوّار كومو الذين يعشقون الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية بعرض فني بين أحضان هذا الموقع التاريخي المذهل الذي يتميز بمقاعده المخملية الحمراء المريحة وأجوائه المفعمة بالدفء والحميمية.

 

وفي جوار فندق جراند تريميزو، تقع فيلا كارلوتا التي تُعتبَر الأشهر في بحيرة كومو. فهي تشعّ جمالاً بدءاً من حدائقها الغنّاء التي مرّت عليها مئات السنوات، مروراً بلوحاتها ومنحوتاتها، وصولاً إلى الأنسجة المزدانة بالرسوم والمعلّقة على جدرانها. تستضيف فيلا كارلوتا عدداً كبيراً من الفعاليات الثقافية والمهرجانات، على غرار مهرجان بحيرة كومو. وتتخلل المهرجان الذي يقام بين يوليو وسبتمبر فعاليات فنية وثقافية عديدة، بدءاً من الاحتفال بمرور 120 سنةً على وفاة المؤلف الموسيقي وعازف البيانو الألماني الشهير يوهانس برامس إحياءً لذكرى إقامته في الفيلا، وصولاً إلى الغرفة الرخامية حيث سيقدّم كريستيان ليوتا، عازف البيانو الشاب الذي ولد في كومو والذي حقق شهرةً عالميةً، الجزء الثاني من مقطوعات سوناتا البيانو الـ 32 للودفيج فان بيتهوفن. ويجب ألا ننسى مهرجان تريميزينا الموسيقي الذي يستضيف عازفين إيطاليين وعالميين لامعين في موسيقى الجاز، ونجوماً في موسيقى الروك والبلوز ومغنيّين وكتّاب أغاني. إلى جانب فندق جراند تريميزو، تستكنّ فيلا بالبيانيلو التي أدّت مؤخراً دوراً جوهرياً كموقع لـ "كازينو رويال"، أحد أفلام سلسلة جيمس بوند.

 

وحرصاً منه على تزويد ضيوفه بخيارات أوسع من المساكن التاريخية المبهرة، قام فندق جراند تريميزو بإضافة فيلا سولا كابياتي التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر والتي كانت المسكن التاريخي لدوقات سيربيلوني، بهندستها المعمارية المصممة على طراز فن الباروك وديكورها الأخّاذ في شتى أرجاء مخطّطها الفسيح المؤلف من ثلاثة طوابق. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الوجهة التي كانت المنزل الصيفي المفضّل للدوق غابريو سيربيلوني في أواخر القرن الثامن عشر، تضمّ غرفاً مزدانة بلوحات جصية، وزخارف ستوكو، وحدائق شاسعة رحبة مصممة بأسلوب يحاكي فن الأرابيسك، ومصاريع زرقاء جميلة، وها قد غدت جاهزة اليوم لاستقبال الضيوف بالحفاوة نفسها كما في القرون الغابرة.

 

معلم بارز على طراز فن النوفو، بأجوائه الراقية وقُربه من الفلل الساحرة في المنطقة، ظل جراند تريميزو متفوقاً على غيره من الفنادق في فئته لأكثر من قرن، جاذباً إليه نخبة المسافرين العالميين موسماً تلو الآخر.

أضف تعليقا
المزيد من فنادق و سبا